إضاءة على المادة 14 من نظام/ لائحة (regulations) تأسيس محكمة الاستئناف الشرعية لسنة 1918
تنص المادة 14 من نظام تأسيس محكمة الاستئناف الشرعية على ما يلي:
المبدأ في الاستئناف على القرارات النهائية في القضاء الشرعي في الداخل هو إيقاف تنفيذ القرار المستأنف ضده مع استثناء القرارات الخاصة بالنفقات. وعلى ذلك المبدأ، بهذا المفهوم، توالت قرارات محكمة الاستئناف الشرعية طوال عقود.
إلا أنه في السنين الأخيرة تبنت محكمة الاستئناف تأويلا للمادة 14 يعطيها سلطة تقديرية في إيقاف التنفيذ من عدمه.
لا نملك الآن نسخة كاملة من القرارات التي تقرر فيها ذلك (والتي تكون بطبيعة الامر قرارات صدرت خلال بحث ملف الاستئناف ولم تذكر في قرار الاستئناف النهائي) لنطلعكم على كامل شروح المحكمة في منحاها الجديد، وذلك نظرا لسياسة المحكمة في نشر القرارات، وسوف أنشرها عند الحصول عليها.
المصادر المكتوبة المتاحة لدي في هذا الشأن هي:
قرار محكمة الاستئناف (سماحة القاضي هاشم سواعد) في ملف استئناف رقم 335/2014 من يوم 27/7/2014 الذي قبلت فيه المحكمة اعتراضي باسم موكلي على التماس تقدمت به زوجته لإيقاف تنفيذ قرار مؤقت لمحكمة بداية باقة الغربية (قرار لسماحة القاضي محمد أبو عبيد) لتنظيم استضافة اب لابنه الرضيع، وقد قالت محكمة الاستئناف في قرارها ما يلي:
“إن المبدأ الذي أرسته هذه المحكمة بخصوص التأويل الصحيح للمادة 14 لمرسوم انشاء محكمة الاستئناف الشرعية يقضي بأن تقديم الاستئناف لا يفضي بالضرورة وفي جميع الحالات الى تجميد القرار المستأنف، خصوصا في قضايا المشاهدة والاستضافة (انظر على سبيل المثال القرارات الاستئنافية رقم 247/2009، 73/2011، 383/2012، 484/2012 وغيرها)”
وسننشر القرار عندما تأذن المحكمة بنشره.
والنص الآخر المتاح حاليا من قرارات الاستئناف، هو كلمات ذكرت في قرار استئناف رقم 247/2009 (المنشور على موقع المحكمة) حيث جاء في قرار سماحة الرئيس أحمد ناطور، وسماحة القاضي محمد زبدة وسماحة القاضي ذوقان العطاونة ما يلي:
“من هنا جاء استئناف الأم على القرار وقد ألحقت به طلبا مستعجلا لتجميد قرار التسليم المؤقت، الا ان هذه المحكمة ردته من خلال قرارها الصادر في 22/8/2009 عن ديوان رئيسها حيث رأت أن التدبير المذكور إنما جاء مؤقتا ولا مكان لإجابة الطلب وفقا لمعطيات الحالة المطروحة”.
ويفهم من تلك الكلمات أن المحكمة لم توقف تلقائيا قرار التسليم.
وانا اضيف اجتهادي التالي، مع ملاحظة أن محكمة الاستئناف لم تصدر قرارا سلبا أو إيجابا بالنسبة لاجتهادي هذا ولا أرى مانعا من أن تقبله المحكمة في المستقبل عندما يثار أمامها.
لائحة تأسيس محكمةالاستئناف الشرعية أجازت في المادة 6 تقديم استئناف على القرارات التي تنهي جميع المواضيع المطروحة في القضية:
والمادة 14 تشمل شرطا لا يمكن الالتفات عنه لتفعيل التجميد وهو “تقديم استئناف حسب هذه الانظمة” أي أن المادة 14 تسري فقط على النوع من الاستئنافات، النوع المذكور في المادة 6 (الاستئنافات على قرارات تنهي جميع المواضيع المطروحة في القضية)فقط:
“14. ان تقديم استئناف حسب هذه الانظمة له مفعولية ايقاف تنفيذ الحكم المستأنف عليه …”
ومن هنا بان كل استئناف يقدم للمحكمة على قرارات مؤقتة قابلة للتنفيذ لا يكون مقدما حسب المادة 6 (“حسب هذه الانظمة”) ولا يوجب تفعيل ايقاف تنفيذ الأحكام حسب المادة 14.
ومن هنا أيضا فأن أي استئناف يقدم بعد المدة القانونية (المادة 8)، لا يكون من نوع الاستئنافات الذي نظمته لائحة تأسيس محكمة الاستئناف الشرعية لسنة 1918 ولا يوجب تفعيل ايقاف تنفيذ الأحكام حسب المادة 14.
وفي تلك الحالات، على سبيل المثال لا الحصر، يكون إيقاف التنفيذ جوازيا حسب معطيات وظروف القضية، عند تقديم التماس لذلك.
يمكن تجزئة الموضوع إلى قسمين، الأول هو تفسير المادة 14 في الحالات التي لا خلاف أنها تنطبق عليها وفي ذلك ذكرت موقف محكمة الاستئناف من المصادر المكتوبة القليلة المتوفرة حيث يبدو أن المحكمة ترى أن إيقاف التنفيذ في القضايا المستأنف عليها يبقى خاضعا لسلطة المحكمة التقديرية حسب ظروف القضية والكلام هنا طبعا ليس عن أحكام النفقات (هنا أريد أن أضيف انه هناك قرار لسماحة ألقاضي فاروق زعبي قرر فيه أنه في قضايا النفقات تملك محكمة الاستئناف صلاحية لإيقاف التنفيذ أي أن استثناء قضايا النفقات من المادة 14 لا تعني حرمان المحكمة من الصلاحية المبدئية لإيقاف تنفيذ حتى أحكام النفقات)، وحتى الآن لا نستطيع التطرق للاعتبارات التي يمكن أن تشكل أساسا للقرار نفسه لقلة المصادر المتاحة فلا نستطيع مؤقتا معرفة ما اتخذته المحكمة أساسا لقراراتها في الحالات التي لم توقف فيها تنفيذ قرارات استأنف عليها ويمكننا في هذا المضمار محاولة تشغيل المنطق للتفكير ماذا حسب رأينا يمكن اعتباره وماذا لا يمكن اعتباره وأي ثقل يعطى لكل اعتبار وربما حصل ذلك مستقبلا، أما القسم الثاني فهو طعني أن المادة 14 تنطبق حصريا على الاستئنافات التي قدمت حسب نظام تأسيس محكمة الاستئناف الشرعية بحيث أن كل أو جل الاستئنافات التي لا تنطبق عليها الشروط والصفات المدونة في تلك الأنظمة حسب لسان المادة 14 ذاتها لا تسري عليها المادة 14 على إطلاقها إلا إذا كانت مصدرا للقياس فقط، ومن أنواع الاستئنافات الخارجة عن شروط نظام التأسيس ذكرت مثالين: كل استئناف يقدم على قرار مؤقت (مثلا قرار مشاهدة مؤقت) لأنه يخالف المادة 6 من النظام فالنظام يبحث استئنافات على أحكام نهائية (ما عدا استئناف على صلاحية) والمثال الآخر هو استئناف قدم بعد المدة القانونية بالمخالفة للمادة 8 من النظام فأن أي استئناف يقدم بعد المدة القانونية، لا يكون من نوع الاستئنافات الذي نظمته لائحة تأسيس محكمة الاستئناف الشرعية لسنة 1918 ولا يوجب تفعيل ايقاف تنفيذ الأحكام حسب المادة 14.
المحامي رياض أبو فول
23/8/2014